هل سيستولي الذكاء الاصطناعي على الفرص الوظيفية للبشر؟

هل سيستولي الذكاء الاصطناعي على الفرص الوظيفية للبشر؟

يُعتبر الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي من أكثر الحقائق - التي سنواجهها وجهاً لوجه في المستقبل القريب - إثارة للإهتمام وفي نفس الوقت من أكثر الحقائق التي تثير الخوف والجزع في الأوساط المختلفة على نطاق واسع. ويكمن السبب وراء هذا الخوف لما رأيناه من تجسيد للذكاء الاصطناعي في الأفلام والبرامج التليفزيونية وحتى في الكتب والأدب، سواءً كان التجسيد مرعباً كما تم وصفه في رواية جورج أورويل 1984 التي توقعت أن تستخدم الحكومات التكنولوجيا والذكاء الإصطناعي للسيطرة على مواطنيها، أو من خلال التنبؤ الأولي الذي تم اصداره في عام 2013 والذي ينص على أن أكثر من 47٪ من الوظائف الأمريكية يمكن أن تكون في خطر الأتمتة في غضون عقدين فقط.

 

في الوقت الحاضر، وعلى الرغم من المخاوف التي تمّ ذكرها أعلاه، إلا أن الواقع مختلف جداً. حيث تعمل الأتمتة والذكاء الاصطناعي على تشكيل طريقة استخدام الإنترنت والطريقة التي يعمل بها الإنترنت وحتى دقة نتائج البحث.

غيرت التكنولوجيا تماماً الطريقة التي يمارس بها الأفراد حياتهم اليومية. في القسم القادم من المقالة، سوف يتم إلقاء نظرة أكثر تعمقاً على تأثير الأتمتة والذكاء الاصطناعي على المستقبل.

 

ما هي الأتمتة والذكاء الاصطناعي IA؟

تعمل الأتمتة والذكاء الاصطناعي غالباً جنباً إلى جنب، إلّا أنهما في جوهرهما مفهومان مختلفان:

الأتمتة: تعني التنفيذ التلقائي أو استخدام المعدات في عملية معينة تجعل العملية المذكورة تلقائية مع تدخل بشري قليل جداً لمعدوم بمجرد إعداد الجهاز.

 

الذكاء الاصطناعي: يشير الذكاء الاصطناعي إلى أنظمة الكمبيوتر التي يمكنها أداء المهام التي تتطلب التفاعل البشري أو الذكاء. ويتم ذلك من خلال التّعرّف المرئي والصوتي واتخاذ القرارات والترجمة والتعلم الآلي.

في معظم الحالات، ستحتاج كل من الأتمتة والذكاء الاصطناعي إلى شكل من أشكال الخوارزمية حتى تعمل، ولكن بمجرد وضع هذه الخوارزمية في مكانها الصحيح، يمكن أن تعمل بشكل أساسي من تلقاء نفسها. في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، تميل هذه الخوارزميات إلى التكيّف من خلال التعلم الآلي، والنضج، وتعزيزها مع المزيد من البيانات التي يتم جمعها مع مرور الوقت. تعد هذه التقنيات المذهلة جزءاً أساسياً من الاستخدامات اليومية للإنترنت والتكنولوجيا، سواءً من خلال بحث Google السريع، او من خلال استخدام منصات التواصل الاجتماعي.

 

بدأ مستقبل الأتمتة من اليوم! 

الأتمتة موجودة بالفعل حولنا اليوم، سواءً في العمل أو في الحياة اليومية، فإن الأتمتة والذكاء الاصطناعي موجودان حولنا بالفعل. تستخدم Google، على سبيل المثال، خوارزمية ذكية  تدعى بـ"RankBrain" في عمليات البحث لتمم بشكل أفضل، حيث تضمن الخوارزمية إمكانية مطابقة كل من الباحثين والشركات التي تبحث عنهم بشكل أكثر فعالية - في صفحات نتائج محرك البحث - لتحسين ملاءمة وجودة النتائج.

 

من الناحية التجارية، يمكن للأتمتة والذكاء الاصطناعي تغيير الطريقة التي تتفاعل بها الشركات مع عملائها. مثال على ذلك، الدعم والمساعدة عبر الإنترنت وخدمات العملاء، فقد أصبحت الدردشات المباشرة شائعة على نحو متزايد، لكن هل تعلم أن معظمها روبوتات تعمل بواسطة  الذكاء الاصطناعي؟ حيث يمكن للشركات تشغيل chatbot ذكي يوفر المساعدة الصحيحة للعملاء، أو - على الأقل - تقديم الإجراء الصحيح إذا لم يتمكّن من المساعدة المباشرة.


أما بالنسبة للناحية المالية، فتساعد الأتمتة والذكاء الاصطناعي على تحويل العالم النقدي إلى عصر رقمي. مثال على ذلك، سوق التداول الأجنبي المعروف بـ" Forex"، حيث تقدم روبوتات Forex طريقة مبسطة للمتداولين الجدد وذوي الخبرة، للإنخراط في الأسواق على مدار اليوم دون الاضطرار إلى الإنتباه في كل لحظة.

 يتيح التداول الآلي عبر روبوت أو خوارزمية  للمتداولين جني ثمار تداول ذكي، دون الحاجة إلى تكريس يومهم بالكامل للحفاظ على أداء كل سوق. هذا النوع من التداول الذكي لا يخلو من المخاطرة، ولكنّ استخدام المؤشرات الفنية الذكية وعدم الاتكال على المدخلات المبنية على القرارات التي تتأثر بالعاطفة؛ يسمح باتخاذ قرارات تداول ذكية في معظم الحالات.

 

ما هي الصناعات التي يمكن أن تتأثر بشكل كبير بالأتمتة والذكاء الإصطناعي؟

عندما يتعلق الأمر بالأتمتة، يميل إدخال هذه التقنيات إلى الحالات التي يمكن فيها تبسيط العملية، أو تقنيات تحرير الموارد والقوى العاملة لإكمال المهام الأخرى الأكثر تعقيداً. لهذا السبب، من المحتمل أن تشهد بعض الصناعات مستويات أعلى من الأتمتة في المستقبل، ومن هذه الصناعات:

 

البيع بالتجزئة والتجارة: من الأمثلة على تطبيق الأتمتة في بيع التجزئة والتجارة هو استخدام المحلات التي لا تحتاج إلى أمين الصندوق، وأنظمة التسليم الآلية، وإدارة المخزون، وغير ذلك الكثير. ومن الجدير بالذكر أنّ بعض هذه الامثلة  يتم استخدامها حالياً واختبارها في جميع أنحاء العالم. ففي الصين، على سبيل المثال، تم فتح متجر غير مأهول بشرياً، حيث أنه يعمل تلقائياً بشكل كلي، وبرز عدد آخر في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك متجر أوتوماتيكي تديره شركة أمازون في الولايات المتحدة.

 

النقل: المركبات ذاتية القيادة ليست بالأمر الجديد في عالم التكنولوجيا المبتكرة - فشركة صناعة السيارات الكهربائية Tesla تعتبر رائدة في هذا المجال -  ولكن إلى أي مدى نحن بعيدون عن رؤية هذه التقنية تستخدم في وسائل النقل العام؟ حيث ستوفر هذه التكنولوجيا زيادة السرعة والكفاءة، وخفض التكاليف لكل من الشركات والركاب.

 

الزراعة: مع تزايد الطلب على كميات كبيرة من الأغذية بسبب تزايد عدد السكان، زادت الضغوطات لتلبية ذلك. لهذا السبب، يمكن أن نرى تحول المزيد والمزيد من القوى العاملة الزراعية لتكون تلقائية. كما أشارت الدراسات إلى أنه يمكن أتمتة عملية الزراعة بأكملها، بدء اً بالزرع ونهايةً بالحصاد.

 

التصنيع: واحدة من أكثر الوظائف التي ستواجه التشغيل الآلي في المستقبل هي التصنيع، حيث يتم استخدام الآلات حالياً لتبسيط عدد من النقاط المختلفة في عملية التصنيع. في حين أن بعض المراحل، مثل التصميم وتنفيذ الخوارزمية الأولية، ستظل بحاجة إلى لمسة بشرية في الوقت الحالي، إلّا أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة هذه المراحل أيضاً في المستقبل.

 

لا شكّ أن الأتمتة والذكاء الاصطناعي قد دفعا القوى العاملة في العالم إلى القلق والخوف، إلا أن هذه التقنيات يمكن أن تعمل على تحسين وتبسيط طريقة العمل في كافة المجالات، لذا على الشركات والحكومات أن تجد المعادلة المناسبة لخلق توازن بين إبقاء فرص العمل المناسبة  للقوى العاملة البشرية من جهة، واستخدام الأتمتة والذكاء الإصطناعي في تحسين العمليات من جهة أخرى.